للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمل، من شُعورٍ وإرادة.

وذلك أن العبد له قوةُ الشعور والإحساس والإدراك, وقوةُ الإرادة والحركة, وإحداهما أصلُ الثانية مستلزمةٌ لها، والثانية مستلزمةٌ للأولى ومكمِّلةٌ لها. فهو بالأولى يصدِّقُ بالحقِّ ويكذِّبُ بالباطل، وبالثانية يحبُّ النافعَ الملائمَ له ويبغض الضارَّ المنافي له.

والله سبحانه خلق عبادَه على الفطرة التي فيها معرفةُ الحقِّ والتصديقُ به، ومعرفةُ الباطل والتكذيبُ به، ومعرفةُ النافع الملائم والمحبةُ له، ومعرفةُ الضارِّ المنافي والبُغض له. فما كان حقًّا (١) موجودًا صدَّقَت به الفطرة, وما كان حقًّا نافعًا عَرَفَته (٢) الفطرةُ فأحبَّته واطمأنت إليه وذلك هو «المعروف»، وما كان باطلاً معدومًا كذَّبت به الفطرةُ فأبغضته وأنكرته (٣) , قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: ١٥٧].

والإنسانُ كما سمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «أصدقُ الأسماء الحارثُ وهمَّام» (٤) , فهو دائمًا يَهُمُّ ويعمل، لكنه لا يعمل إلا لما يرجو منفعتَه أو دفعَ


(١) الأصل: «والفطرة فما كان حقا». وفي (ط): «بالفطرة ... ».
(٢) الأصل: «فاحبته». والمثبت من (ط) ظاهر الصواب.
(٣) الأصل: «فأبغضته الفطرة فأنكرته». ولعله من انتقال نظر الناسخ.
(٤) روي من مرسل أبي وهب الكلاعي والزهري ومكحول وعبد الوهاب بن بخت وعبد الله بن عامر اليحصبي, ومخارجُ هذه المراسيل جميعًا من الشام فلا تعتضدُ ببعضها, فربما آلت إلى مصدرٍ واحد, وهو الأشبه, ورفعه بعضهم ولا يصح. انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (١١٧) , و «العلل» له (٢٤٥١) , و «الإصابة» (٧/ ٤٦١) , و «مفتاح دار السعادة» (١٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>