إن القول المبيِّن عن الفعل قد يرجع إلى الفعل. وذلك أن الفعل يسمى بألفاظ لغوية، فإن كانت مجملة فسرت بألفاظ أخرى تعبّر عن أفعال، فـ (الصلاة) مجمل يفسّر بأنها الأفعال المعلومة، من القيام والتكبير والقراءة والركوع والسجود والتسليم وغير ذلك. ومعاني هذه الألفاظ لم تُعلم إلّا بفعلها، أو رؤية من يفعلها، بحيث إن من لا يعلمها لو أريد تفسيرها له، لفعلنا أمامه الركوع مثلاً، ثم قلنا له: هذا الركوع، وهكذا السجود وغيره، فقد عاد البيان القولي عن الفعل إلى الفعل.
وقد قال الشاطبي:"وإنما يقرِّب مثل هذا القول الذي معناه الفعلي بسيط وجد له نظير في المعتاد، وهو إذ ذاك إحالة على فعل المعتاد، فَبِه حصل البيان لا بالقول"(١).
والألفاظ المعبِّرة عن أفعال مركبة أشدُّ حاجة إلى هذا النوع من البيان الفعلي.
وهذا شأن الأسماء اللغوية غالباً، فإن فهمها، أو فهم ما فُسِّرت به من الألفاظ لا يتم من غير أن تكون لدى السامع (خبرات عمليّة سابقة)، إذا سمع اللفظ نزّله عليها ليفقه المراد به. ومن هنا يعلم أن ضيق الأفق، وقلة الخبرات العملية، وقلة التجارب في الحياة، ينشأ عنها ضيق فهم اللغة، وعسر تبيّن المراد بالألفاظ.