المبحث الثالث ما ينسبُ إلى الأئمَّة من القول في الفعل المجرّد بنوعَيْه
اضطربت كتب الأصول في ما تنسب إلى بعض الأئمة من القول في دلالة الفعل المجرّد على الأحكام، حتى إننا لنجدهم ينسبون إلى الإمام الواحد أقوالاً متضاربة ينقض بعضها بعضاً.
فالإمام مالك مثلاً نسب إليه القول بالوجوب، والقول بالندب، والقول بالإباحة.
والثلاثة منسوبة إلى الإمام الشافعي أيضاً.
وكذلك نسبت الأقوال الثلاثة إلى الإمام أحمد بن حنبل.
ولعلّ هذا الاضطراب راجع:
أولاً: إلى أن ما أسند إليهم ليس منصوصاً لهم وإنما هو تخريج على بعض أقوالهم في الفروع. قال المازري:"أشار ابن خويز منداد إلى أن قول الوجوب مذهب مالك، وقال: وجدته في موطئه يستدل بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يستدل بأقواله".
وسنبيّن أشياء من هذه قريباً إن شاء الله.
وثانياً: إلى اختلافهم في مقصودهم بالوجوب أو الندب أو الإباحة، أهو راجع إلى حكم الفعل في حقه - صلى الله عليه وسلم -، أم في حقنا. وفي مقصودهم بالتأسّي الذي يوجبونه أو يندبون إليه، أهو المساواة في مجرد الصورة أو في الصورة مع الحكم.