المبحث الثالث كيفَ يعيّن حكم الفعل الصادر عنه - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة إليه خاصّة
قدمنا في المبحث السابق أن الأفعال التي تصدر عنه - صلى الله عليه وسلم - إما أن تكون واجبة عليه، أو مندوبة، أو مباحة. وقد يفعل المكروه لبيان الجواز. وأنه على قول بعض الأصوليين قد يفعل ما نهاه الله تعالى عنه خطأ، أو نسياناً، أو تعمداً للصغائر، ولكنه عبد جميعهم لا يُقرّ على ما ترتب عليه من ذلك شيء من التشريع، بل يصحّح له لكي تتم عصمة الشريعة.
فانحصرت أفعاله التشريعية التي أقر عليها في الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه الذي يفعله لبيان الجواز، ولكنه في حقه جائز بل ربما كان واجباً.
وغرضنا في هذا المبحث الذي نحن فيه أن نتعّرف الطرق التي بها يتعيّن لدينا حكم فعله - صلى الله عليه وسلم -، إذ إن ذلك التعيين أساس لاستفادة الحكم من الفعل في حق الأمة، كما يأتي في الفصول التالية إن شاء الله.
[المطلب الأول تعيين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم]
يتعين الواجب من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - بأمور:
الأول: القول، بأن ينص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقول على أن ما فعله واجب عليه.
الثاني: أن يكون الفعل قد ورد مورد البيان لقول دالٍّ على الوجوب.