للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزء الأكثر من السنة. وما عداه بالنسبة إليه لا يساوي إلا قدراً ضئيلاً. ولكن ما نقل من التقارير إلينا قليل جداً نسبياً. والذي نقل من الأقوال والأفعال أكثر منه بكثير.

وبالنسبة إلى الصحابة، كان التقرير نوعاً من التعليم الصامت للشريعة، فَعَل فِعْلة في توسيع مدارك صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحكم على الأفعال والأشياء، حتى لنعتقدُ أن المعلومات التي حصلت لديهم من هذا الباب، كانت أوسع من أن تنقل بالتنصيص عليها. وإنما يمكن أن تنقل بالأقوال العامّة. أو بتلمس العلماء في ما بعد عصر الصحابة، أحكامها، بالأقيسة وغيرها من الأدلة القوية والضعيفة.

وهذا يكشف لنا عن جانب من جوانب قوة علم الصحابة بالشريعة، ويقوي قول من قال بأن أقوالهم في شؤون الدين حجّة لازمة.

[المسألة السادسة]

ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين أمثلة كثيرة للأفعال التي أقرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عليها. فمن ذلك إقراره لهم على تلقيح النخل، وعلى تجاراتهم التي كانوا يتّجرونها، من تجارة الضرب في الأرض، وتجارة الإدارة، وتجارة السَّلَم، وكإقراره لهم على صنائعهم المختلفة، من تجارة وخياطة وصياغة وفلاحة، وإنما حرّم عليهم فيها الغش والتوسل بها إلى المحرمات، وكإقرارهم على إنشاد الأشعار المباحة وذكر أيام الجاهلية والمسابقة على الأقدام، وكإقرارهم على المناهدة في السفر، وعلى الخيلاء في الحرب ولبس الحرير فيه، وعلى لبس ما صنعه الكفار من الثياب، وعلى إنفاق ما ضربوه من الدراهم، وربما كان عليها صور ملوكهم، وكإقراره لهم بحضرته على المزاح المباح، والنوم في المسجد، وشركة الأبدان. وكإقراره لهم على ما بأيديهم من الأموال التي اكتسبوها قبل الإسلام بربا أو بغيره، ولم يأمرهم بردها ... إلخ (١).


(١) إعلام الموقعين لابن القيم. بيروت، دار الجيل، بالأوفست عن طبعة القاهرة بتعليق طه عبد الرؤوف سعد ٢/ ٣٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>