للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث الطرق التي يمكن بها معرفة النص الممتثل]

هي كما يلي:

الطريقة الأولى: القول من النبي - صلى الله عليه وسلم -، كقوله لما صلّى على ابن أبيّ كبير المنافقين: "إن الله خيّرني فاخترت، ولأزيدن على السبعين". يشير إلى قوله تعالى: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... } الآية.

ومن هذا أن يخبر أن الله تعالى قد أمره بفعلٍ فَعَله، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم" (١). أو بتركٍ ترَكَه، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في ترك قتل المخنثين: "نهيت عن قتل المصلين" (٢).

الطريقة الثانية: أن يفعل الفعل بعد نزول الأمر مباشرة، بحيث لا يخفى أنَّ فعلَه امتثال لذلك الأمر النازل، وخاصَّة إن كان سبب النزول متعلّقاً بذلك. كآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} (٣). نزلت في أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الكعبة من بني شيبة، فلما نزلت أعاده إليهم وقال: "اليوم يوم وفاءٍ وبرّ" (٤).

ومثاله أيضاً آية الأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - بتخيير نسائه فخيّرهن (٥).

وشبيه بهذا أن يبيّن الصحابي الراوي ذلك، كما قالت عائشة: "ما صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاةً بعد أن نزلت عليه {إذا جاء نصر الله والفتح} إلاّ يقول فيها: سبحانك اللهم ربَّنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" (٦) وفي بعض الروايات قالت


(١) متفق عليه (الفتح الكبير).
(٢) رواه أبو داود ١٣/ ٢٧٦ وانفرد به وفي سنده مجهول. وحسنه في (صحيح الجامع الصغير) من رواية الطبراني بلفظ "نهيت عن المصلين".
(٣) سورة النساء: آية ٥٨
(٤) سيرة ابن هشام بتحقيق مصطفى السقا وزميليه ط ثانية ٤١٢/ ٢ وتفسير القرطبي ٣٥٦/ ٥
(٥) سورة الأحزاب: آية ٢٨
(٦) البخاري (إحكام الأحكام لابن دقيق) ١/ ٢٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>