مرادنا بالفعل المجرّد، ما كان من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - خلافاً لما تقدم من الأنواع السابق ذكرها. (ص ١٦٨ وما بعدها).
ومعنى كونه مجرّداً، أن الأفعال السابقة اقترن بكل منها قرينة يتبيّن منها حكمه بالنسبة إلينا، فالجبليّ يدلّ على الإباحة، ولسنا متعبّدين بفعل مثله، والذي عُلِم أنه بيان حكمه مأخوذ من الخطاب المبين، والذي علم أنه امتثال كذلك حكمه مأخوذ من الخطاب الممتثل، وهكذا.
والفعل المجرّد بالنظر إلى حقيقته على نوعين:
الأول: ما قد يكون في الحقيقة والباطن واحداً من الأنواع السابقة، لكن لم يظهر لدينا دليل نلحقه به. فقد يكون في الحقيقة خاصاً ولكن لم نطلع على دليل خصوصيته، أو يكون في حقيقته امتثالاً لأمر إلهي معيّن، سواء أكان في القرآن العظيم ولم نجد ما نحكم به أن الفعل امتثال لذلك الأمر، أو كان الفعل امتثالاً لوحي خاص لم نخبرَ به، بل ظهر لنا الفعل مجرّداً.
الثاني: أن يكون فعلاً فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتداء من ذات نفسه مطابقاً لما فوّضه الله تعالى له من إنشاء بعض الأحكام، أو من تصرفه في حدود مرتبة العفو، كما تقدم.