للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث شروط صحَّة دلالة التقرير

الشرط الأول: أن يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفعل. وسواء سمعه أو رآه مباشرة، وهو الأكثر من الأقارير المحتجّ بها. أو حصل في غيبته ونقل إليه، كما نقل إليه خبر تأخيرهم لصلاة العصر حتى غربت الشمس يوم بني قريظة.

أما إن لم يعلم به فليس حجة. وصنيع ابن حجر يدل على أنه يرى أن علمه - صلى الله عليه وسلم - بالأمر ليس شرطاً. فقد ذكر أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون حكمه الرفع. قال: "لأنهم لا يقرون على فعل غير الجائز في زمان التشريع، وقد استدلّ جابر على إباحة العزل بكونهم كانوا يفعلونه والقرآن ينزل، ولو كان منهياً لنهى عنه القرآن" (١). اهـ.

والذي عليه الجمهور أن اشتراط العلم معتبر. وهو الصواب. وما نسبه ابن حجر إلى جابر الراجح أنه لا يصح منه إلا لفظ: "كنا نعزل والقرآن ينزل" دون قوله: "لو كان شيئاً ينهى عنه لنهى عنه القرآن"، وبأنه قد صح عن جابر عند مسلم أن ذلك بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينههم عنه، كما ذكره ابن حجر نفسه في موضع آخر (٢). فكيف يحتجّ بما بلغه على ما لم يبلغه ولم يعلم به؟ وسيأتي لهذا توضيح أتم.

وعلى المختار، إن نقل إلينا أن الفعل وقع أمامه - صلى الله عليه وسلم -، أو أنه أُخبر به، فهو حجة عند كل من رأى الإقرار حجة.

وإن شككنا في علمه به فالأصل عدم العلم.

فإن كان الفعل انتشر بين الصحابة وكثر فيهم وكان مما يستبعد عدم اطلاعه


(١) فتح الباري ١/ ٢٩٩
(٢) فتح الباري ٦/ ٣٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>