للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيّن ابن تيمية ما يبنيه على ذلك، فقال: "من الناس من يجعل هذا في ما يحدث من صلاة الألفية ليلة النصف من شعبان، والرغائب، ونحوها، يداومون فيه على الجماعات. ومن الناس من يكره التطوع جماعة. ومعلوم أن الصواب فيما جاءت به السنة. فلا يكره أن يتطّوع في جماعة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولا يجعل ذلك سنة راتبة، كمن يقيم للمسجد إماماً راتباً يصلي بالناس بين العشاءين، أو في جوف الليل، كما يصلي بهم الصلوات الخمس" (١).

[المطلب الثالث دلالة الفعل النبوي على الحد الأعلى أو الحد الأدنى في التقديرات الشرعية]

من ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يزيد في الوضوء على ثلاث غسلات، وفي صلاة الليل عن إحدى عشرة ركعة، وجَلَد في الخمر نحو أربعين (٢)، وأقام بمكة تسعة عشر يوماً يقصر، فهل ذلك حد أعلى لا يجوز الزيادة عليه؟.

وكذلك قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم، فهل يمتنع القطع في ما دونه؟.

فأما الوضوء: فقد قال البخاري: كره أهل العلم الإسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣). وقال الشافعي لا أحب الزيادة على الثلاث، فإن زاد لم أكرهه، أي لم أحرمه. قال ابن حجر: وهذا هو الأصح عند الشافعية. وعند بعض الحنفية: إن اعتقد أن الزيادة سنة أخطأ، وإلاّ فلا لوم (٤). وقال أحمد: لا يزيد على الثلاث إلاّ رجل مبتلى (٥).


(١) الفتاوى الكبرى ٢٣/ ١١٣، ١١٤
(٢) رواه مسلم (فتح الباري ١٢/ ٧٠) وأبو داود والترمذي.
(٣) فتح الباري ١/ ٢٣٤
(٤) المصدر نفسه ١/ ٢٣٤
(٥) المصدر نفسه ١/ ٢٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>