ومثال حمله على زمانين، أو مكانين، ما إذا نهى بعض المسلمين عن القتال وأذن لغيرهم، فكان النهي في شهر حرام، والإذن في غير شهر حرام، أو النهي في الحرم والأذن في الحلّ.
ومن طرق الجمع التخصيص، فإن كان أحد الدليلين أخصّ من الآخر مطلقاً قُدّم حكم الأخص في منطقة خصوصه، وبقي حكم العموم في بقية أفراد العامّ، كما يذكر ذلك في أبواب العموم والخصوص، من كتب الأصول.
[الخطوة الثانية: النسخ]
لا يجوز المصير إلى النسخ إلا أن يعرف المتأخر من الدليلين بحجة صحيحة إذ لا يجوز أن يعتبر أحد الدليلين ناسخاً للآخر بمجرد الرأي، لاحتمال أن يكون العكس هو الصحيح.
ومن شروط النسخ أيضاً أن السنة الآحادية لا تنسخ القرآن عند جمهور العلماء. وقيل أيضاً: السنة المتواترة كذلك لا تنسخه.
وكذلك المتواتر من الحديث لا ينسخ بحديث الآحاد.
[الخطوة الثالثة: الترجيح بين الدليلين]
والترجيح يكون من جهات مختلفة، يجمع بينها أن جهة الترجيح قوة في أحد الدليلين المتعارضين يتميّز بها عن الآخر، فيكون ظنّ دلالته على المطلوب أقوى من دلالة الآخر، فيعمل بالراجح، ويطرح الآخر فيهمل. وهذه الجهات مختلفة. منها:
١ - الثبوت: لأن رجحان أحد الدليلين من حيث الثبوت، يقوّي الظن بأن الآخر مكذوب، أو موهوم.
ومن هذه الجهة -جهة الثبوت- يقدّم المتواتر على الآحاد، ويرجّح الأكثر رواة على الأقل، ويرجّح ما سلم سنده على ما فيه اضطراب، وترجّح رواية