للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمهور العلماء. وقال أبو حنيفة يعيده إن كان بمكة، فإن رجع إلى وطنه ولم يعده لزمه دم وأجزأه طوافه (١).

والحجة لوجوبه حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قبل الحجر الأسود طاف على يمينه. مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم" وبهذا احتج الشيرازي (٢).

وأما ابن حزم فلم يستدل بالفعل في هذه المسألة، وإنما رأى (٣) إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمرهم بالخبب، فلا بد أنه أمرهم من أين يبتدئون وكيف يصنعون فالوجوب عنده بالقول المنقول بطريق اللزوم.

والأولى القول بالوجوب. ومأخذه عندي أن فعله - صلى الله عليه وسلم - بيان لآية الأمر بالطواف. فمن هنا وجبت الكيفية، والعدد أيضاً.

[٣ - المانعية]

وأما بيان المانعيّة بالفعل مع القول فهو كثير، ومنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّ هدية الصيد لما كان محرماً. وقال للمهدي: "إنّا لم نردَّه عليك إلاّ أنّا حُرُم" (٤).

وأما بالفعل دون قول، فإن كان الفعل ناهياً، فكثير، كما في حديث ابن عباس قي تحويل النبي - صلى الله عليه وسلم - له من موقفه عن يسار الإمام إلى يمينه.

وأما الفعل الذي لا نهي فيه، فيرد قليلاً. وذلك كصلاته - صلى الله عليه وسلم - في مرضه جالساً، يدل على أن المرض يمنع وجوب القيام.

وقد يدل الفعل على عدم المانعية، وذلك أن يفعل العبادة أو العقد مع التلبس بما يظن مانعاً من الصحة، فيعلم بذلك أنه ليس مانعاً. وهو كثير. ومنه عُلِم أنّ العمل اليسير في الصلاة لا يبطلها، كما صنع - صلى الله عليه وسلم - إذ فتح الباب لعائشة وهو


(١) المجموع ٨/ ٦٧
(٢) المجموع ٨/ ٣٤
(٣) المحلى ٧/ ٩٧
(٤) رواه البخاري ومسلم ومالك (جامع الأصول ٣/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>