للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع الأفعال الخارقة للعادة (المعجزات والكرامات)]

أجرى الله تعالى هذا الكون على سنن ثابتة وعوائد مطردة. وربط الأشياء بأسبابها، وجعل علاقة السببية هذه وسيلة إلى توليد أشياء جديدة، ذات صفات موافقة أو مخالفة لأصولها. وبها تتطور الكائنات وتتغير الموجودات، وتتجدد الحوادث.

ومعنى اطّراد السنن الكونية، أنه إذا أثّر شيء في شيء تحت ظروف معينة، فأنتج شيئاً آخر، فإنه لو أعيد تسليط المؤثر، أو مثيل له، على المؤثر فيه أو على مثيل له، مع وجود ظروف مماثلة تماماً، فلا بدّ أن تحصل نتيجة مماثلة تماماً لما نتج في الحالة الأولى.

ومثاله أننا لو أخذنا قضيباً من الحديد، في درجة حرارة فعينة، وقسنا طوله، ثم سخنّاه مئة درجة مئوية، فإنه سيتمدد بالحرارة. فلو قسنا الزيادة في الطول وأثبتناها، ثم أخذنا قضيباً آخر، أيضاً من الحديد، مساوياً في الطول للأول، وفي نفس درجة الحرارة، ورفعنا حرارته مئة درجة مئوية، فلا بدّ أن يتمدد، وأن تكون زيادته مساوية تماماً للزيادة في حالة القضيب الأول. فإن اختلف مقدار الزيادة بين الحالتين، فلا بد أن عاملًا آخر مخالفاً لما كان في الحالة الأولى هو سبب الاختلاف، بأن كان الحديد مختلف النوعية مثلاً.

وهذا الاطّراد في سنن الكائنات، سبب من أسباب التقدم البشري، وسيطرة البشر على الأرض، وذلك لأن العقل الذي أكرم الله به الإنسان يستطيع

<<  <  ج: ص:  >  >>