للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدراك الصلات السببية بين الأشياء بإدراكه خواصها، فيستطيع الإنسان بذلك أن يهيّئ الظروف المختلفة التي تؤدّي إلى نتيجة معينة. فإذا كملت تلك الظروف، تولّدت عنها النتيجة ولا بدّ. وذلك حسب قاعدة اطّراد السنن.

واطّراد السنن كما هو في العناصر البسيطة للكون وفي مركباته، وفي صفاتها العامة من الجاذبية والحرارة والرطوبة واللون والصلابة والمرونة وغير ذلك، هو أيضاً في الأحياء من النبات والحيوان، وفي النفوس الإنسانية، وفي المجتمعات البشرية، كذلك، وقد قال الله تعالى: {فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً} (١) وقد ذكر الله تعالى أنه لا تبديل لسنته في ثلاثة مواضع أخرى غير هذه الآية (٢).

إلاّ أن قوانين السببية في الأحياء أكثر تعقيداً، وأبعد تصوراً، وأصعب منالاً.

وليست العلوم الكونية، الكيميائية، والطبيعية، والحيوية، والنفسية، إلاّ نتائج المساعي لاستكشاف القوانين المشار إليها، وإلاّ تطبيقاً لتلك القوانين، واستفادة منها فيما ينفع الناس أو يضرهم.

وقد جاءت الديانات السماوية حرباً على دعاوى السببية الكاذبة. فمن ذلك إبطال التطيّر، وإبطال الزجر والعرافة والمخرقة، وإبطال دعاوى عبدة الأصنام بأنها تنفع أو تضر، ودعاوى المنجّمين بأن حركات النجوم أسباب لعلم الغيب، أو أنها تؤثّر على الحوادث الأرضية، أو نحو ذلك، مما لا يخفى على المطّلع على حقائق ما جاء عن الأنبياء.

وأتمُّ ما ورد من ذلك وأوضحه ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -.

إلا أن الإسلام جاء بأمرين عظيمين يتعلقان بقانون السببية.


(١) سورة فاطر: آية ٦٢
(٢) سورة الإسراء: آية ٧٧، سورة الأحزاب: آية ٦٢، سورة الفتح: آية ٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>