للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نرى أنه يجوز أن يكون بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لمجملات القرآن بالأوجه الثلاثة المذكورة آنفاً، بالإضافة إلى وجه رابع، وهو الاجتهاد. فثبت جواز اجتهاده - صلى الله عليه وسلم - في بيان القرآن.

وأما قوله تعالى: {ثم إن علينا بيانه} فإذا أقرّ الله تعالى رسوله على ما بينّ، فهو بيان من الله، يوضحه أن تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه على عملٍ ما، هو بيان لمشروعية ذلك العمل، كما سيأتي في فصل التقرير، من الباب الثاني، إن شاء الله.

النوع الثاني: الاجتهاد القياسيّ:

في جواز كون النبي - صلى الله عليه وسلم - متعبّداً بالاجتهاد القياسيّ خلاف. قال الآمدي: "اختلفوا في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان متعبداً بالاجتهاد في ما لا نصّ فيه (١).

فقال أحمد بن حنبل والقاضي أبو يوسف: إنه كان متعبداً به.

وقال أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم: لم يكن متعبّداً به.

قال: وجوز الشافعي في رسالته ذلك من غير قطع (٢)، وبه قال بعض أصحاب الشافعي، والقاضي عبد الجبار، وأبو الحسين البصري.

والمختار جواز ذلك عقلاً ووقوعه سمعاً (٣). اهـ كلام الآمدي.


(١) هذه العبارة من كلام الآمدي "في ما لا نص فيه" مجملة، لأن (النص) يطلق على اللفظ الدال على المعنى سواء كان فيه احتمال أم لا، فيصدق على الظاهر، ويطلق على اللفظ الدال على المعنى دون احتمال، فلا يصدق على الظاهر. فإن كان مراده بعبارته الإطلاق الأول، فالخلاف عنده في تجويز الاجتهاد القياسي دون البياني. وإن كان مراده بها الإطلاق الثاني يكون الخلاف عنده في تجويز الاجتهادين القياسي والبياني، ونحن حملنا كلامه على الأول احتياطاً، حتى يتبين لنا، فذكرنا كلامه في (الاجتهاد القياسي).
(٢) كلام الشافعي في الرسالة (تحقيق أحمد محمد شاكر) ص ٩٢
(٣) الإحكام ٤/ ٢٢٢. وانظر أيضاً: أصول البزدوي ٣/ ٩٢٦ - ٩٣٣ وتيسير التحرير ٤/ ١٨٨، ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>