كشفت الدراسات التربوية عن أن تأثر شخص ما بشخص آخر، في تحصيل أنواع من المعرفة والتعلم، واكتساب الاتجاهات والقيم والعادات، يمكن أن يتمّ بثلاث طرق: الاستماع للأقوال، والمشاهدة للأفعال والاقتداء بها، والممارسة من جانب المتعلم مع التصحيح من جانب المعلم.
وإن دراسة طبيعة هذه الطرق وخصائصها، يكشف لنا عن مدى حاجة البشر إلى رسول منهم، يؤدي المهمات المذكورة إليهم. وتتبين بها حكمة الله في ذلك، وعظيم منته التي ذكرها في سورة آل عمران في قوله:{لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة}.
أولاً: طريقة الاستماع للقول:
إن القول أساسي في عملية التعليم. وبه تنتقل الأفكار والمعلومات من ذهن المعلم إلى ذهن المتعلم، عن طريق حاسة السمع، ويمكن بهذه الواسطة نقل معلومات وافرة في برهة قصيرة.
وتمتاز هذه الطريقة، بإمكان التحديد الدقيق للمعلومات، وربط الأسباب بالمسببات، وذكر الصيغ بدرجة العموم والخصوص المطلوبة، وذلك بما توفره أداة اللغة من إمكانيات لا تكاد تقف عند حد، يستطاع بواسطتها أداء الفكرة على درجة عالية من الكمال، بحسب تمكن المعلّم من الفصاحة والبلاغة، ووفرة محصوله من الألفاظ والتراكيب.
وتسمى هذه الطريقة في عالم التدريس بطريقة الإلقاء والمحاضرة.
ومن أجل الميزات المذكورة لهذه الطريقة، جعل الله أصل الشريعة الأصيل قولاً يتلى ويسمع، وسمّاه {قرآناً مبيناً}، وجعله مشتملاً على المسائل الرئيسية في الشريعة، وأمر بتلاوته وتدبّره وتفهّمه، ووعد على ذلك الأجر الجزيل، وجعل لقراءته واستماعه مناسبات دينية تتكرّر بتكرر الساعات والأيام والشهور،