للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" (١).

هذا وأما نقل الأفعال، فقد يظن لأول وهلة أنه لا يتصور فيه النقل (الحرفي)، ولكن يبدو لنا أن نقل الفعل بالفعل المشابه له في الصورة هو نظير لنقل اللفظ باللفظ. وأما نقل الفعل بالقول، فإنه نظير لنقل اللفظ بمعناه. بل هو من النقل بالمعنى بلا شك، إذ ليس هناك لفظ حتى ينقل بحروفه. ومن أجل ذلك يرد في نقله باللفظ كثير من مخاطر الرواية بالمعنى. وهو ما سنحاول أن نشير إلى بعضه في ما يأتي من هذا المبحث.

وليس يلزم مما ذكرنا من التنظير، أن يكون نقل الفعل بالفعل أعلى من نقله بالقول، فإن من طبيعة النقل بالفعل أن يحصل فيه اشتباه يسقطه عن درجة رواية اللفظ باللفظ، بل عن رواية الفعل باللفظ. ولنعتبر ذلك بالواقع في التمثيليات المسرحية التاريخية، كيف يتولّد عند مشاهديها أوهام كثيرة في تصور الوقائع، ولولا مراجعتنا للتصوير اللفظي للواقعة في الوثائق التاريخية، لحصلت لدينا بالتمثيلية صورة تبعد قليلاً أو كثيراً عن حقيقة الواقعة.

أولاً: نقل الفعل بالفعل:

وذلك ما نقل إلينا عبد الله بن زيد وعثمان وعلي وأبو هريرة وابن عباس وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، بأفعالهم (٢) ثم يحتاج التابعي إلى الألفاظ لكي يعبّر عما يراه. وقد يكون بعض أجزاء فعل الصحابي مما لم يقصد به الحكاية، بل يكون قد صدر ابتداء. فيتوهّم التابعي أن المقصود به الحكاية.

ومثاله حديث أبي هريرة في حكايته لوضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أنه غسل يديه حتى أشرع في العضدين، وغسل رجليه حتى أشرع في الساقين. وقال في آخر


(١) رواه أبو داود ١٠/ ٩٤ والترمذي ٧/ ٤١٧ وأحمد بألفاظ متغايرة.
(٢) انظر: ذلك في كتب السنة في نيل الأوطار مثلاً ١/ ١٦٣ - ١٨٠

<<  <  ج: ص:  >  >>