تقدم في الفصل الأول أن البيان بالفعل جائز وواقع. ويهمنا هنا أن نذكر ما يستفاد من الأحكام من الفعل الواقع بياناً.
وقد قدمنا أن مرادنا بالفعل البياني، ما وقع بياناً للمشكل من مجمل وغيره مما ورد في القرآن وتكفلت السنة ببيانه، وهو الذي نقصده هنا أيضاً، أما الفعل الواقع بياناً ابتدائياً فهو من الفعل المجرد، وسيأتي ذكره في الفصل التالي إن شاء الله.
[جهات الفعل البياني]
للفعل البياني ثلاث جهات، يستفاد من كل منها نوع من الأحكام:
الجهة الأولى: جهة أنه امتثال للأمر أو النهي في العبادة، فإذا بيّن - صلى الله عليه وسلم - آية الحج بأن حج وقال لهم:"خذوا مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا" فإن حجّه في حدّ ذاته امتثال لما أوجب الله عليه من الحج، ويجزيء عنه، فيسقط عنه الفرض بذلك.
ويعترض هنا سؤال، وهو أنه هل يمكن أن يتجرّد الفعل البيانيّ عن جهة الامتثال هذه، فيتخلّص بياناً؟.
وصورة ذلك أن يأتي - صلى الله عليه وسلم - بفعل هيئته هيئة العبادة، وهو لا يقصد العبادة، وإنما يقصد مجرد التعليم، كما يفعله المعلّمون أحياناً من أداء صورة الصلاةِ مثلاً، على سبيل التمثيل لطلبتهم، دون أن يقصدوا الصلاة.