للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وترك أشياء من غير نسيان من ربكم، ولكن رحمة منه لكم، فاقبلوها ولا تبحثوا عنها" رواه الحاكم (١) والدارقطني (٢).

٤ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته" (٣).

ولهذا الحديث شاهد: ما ذكره الله في قصة بقرة بني إسرائيل حين أكثروا من السؤال فشدّد الله عليهم، فقد كان اللون خارجاً عن المحكوم فيه أصلاً، وإلاّ لم يؤاخذهم بالسؤال عنه.

٥ - نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كثرة السؤال، ولومه من فعل ذلك. ولو كان لكل شيء حكم شرعي لما كان السائل عنه ملوماً. ومما ورد من ذلك النهي: "ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم" (٤).

[رأينا في هذه المسألة]

الذي نميل إليه صحة القول بمرتبة العفو، وأن أحكام الشريعة طائفة محدودة من الأحكام، سواء أكانت مستفادة بالنص، أو الاجتهاد البياني، أو القياس، أو غير ذلك. وما لم يدل عليه دليل صحيح، يكون خارجاً عن جملة الأحكام أصلاً والله أعلم وأحكم.

وبناء على ذلك لا يمتنع أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل الشيء بناء على أنه لا حكم فيه من قبل الله تعالى. بل هو مسكوت عنه.

وعلى هذا يحمل ما كان - صلى الله عليه وسلم - يفعله مما حرّمه الله بعد ذلك كالتبني، ولبس الذهب، وما أقرّ غيره عليه من ذلك كشرب الخمر.


(١) الجامع الصغير.
(٢) عبد الله دراز في تعليقه على الموافقات ١/ ١٦٢
(٣) رواه مسلم ١٥/ ١١٠ ورواه البخاري وأبو داود.
(٤) رواه مسلم ٨/ ١٠١ ورواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>