للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبهمة عنده، لا يعلم على أي الحالين وقعت، فينزل تركه الاستفصال منزلة العموم، كما هو واضح.

رابعاً: أن تكون الحادثة قد وقعت، والسؤال مطلق، ولم يثبّت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالماً بالواقع، ولا ثبت أنه كان غير عالم به. فهذه الصورة هي المختلف فيها.

فاعتبار قيد الوقوع، يمنع القول بالتعميم، نظراً لاحتمال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عالماً بالواقعة، على أي وجه وقعت. وهذا هو المذهب الأول في المسألة.

واعتبار الإطلاق في السؤال، وأنه قد يكون من غرض المجيب التسوية بين الاحتمالات في الحكم، يقتضي القول بالتعميم، وهو المذهب الثاني.

والمذهب الثالث: التوقف، للتردد بين الاحتمالين المذكورين. وهو منسوب إلى الجويني (١).

[رأينا في المسألة]

الذي نراه أن احتمال علمه - صلى الله عليه وسلم - من طريق آخر بالقضية، كيف وقعت، خلاف الأصل، إذ الأصل عدم العلم، والظاهر أن الجواب وارد على ما ذكر في السؤال فقط. فما أوردوه على القاعدة يمنع اليقين، ولكن لا يمنع الظهور. وهذا ما رجّحه ابن تيمية (٢) والزركشي وغيرهم.

تنبيه: إنما قالوا: "ترك الاستفصال ينزل منزلة العموم" ولم يجعلوه عموماً، لأن العموم عندهم من عوارض الألفاظ، وليس الترك لفظاً حتى يقال هو عام.

تنبيه آخر: ليس المراد بقيام الاحتمال، في القاعدة السابقة، الاحتمالات الضعيفة والمستبعدة الوقوع، إذ أنه قلما تخلو واقعة من احتمال يجيزه العقل، ومثاله في مسألة السؤال عن الميراث التي قدمنا ذكرها، احتمال أن تكون أم الميت حاملاً بتوأمين، فذلك أمر مستبعد، وليس على المفتي أن يهتمّ له، أو يعتني بالبحث عنه.


(١) المسودة في أصول الفقه ص ١٠٩، البناني على جمع الجوامع ١/ ٤٢٦
(٢) نفس المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>