للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حق الأمة. فقد ثبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الشريعة أحكام خاصة به، هي ما يسمى (الخصائص النبوية)، منها أن الله أحلَّ له أن يتزوج أكثر من أربع وحرم ذلك على أمته؛ وأوجب عليه قيام الليل وليس ذلك عليهم واجباً.

فيدل ذلك على إمكان افتراقه - صلى الله عليه وسلم - عنهم في سائر الأحكام.

وقد يقع في قلوب بعض الناس شبه عقلية، يظنونها قاضية بكون فعله - صلى الله عليه وسلم - حجة، منها:

أولاً: أنه - صلى الله عليه وسلم - من حيث هو رسول، ينبغي متابعته في فعله، ولو لم تطلب منا تلك المتابعة قولاً.

والجواب أن ذلك غير لازم، إذ يعقل أن يرسل الله تعالى رسولاً، يقول: أطيعوني في ما آمركم به، ولا تقتدوا بأفعالي، لأنها ليست كلها صالحة لكم.

وأيضاً: لما كان الفعل غير دالٍّ إن كان من غير رسول، فكذلك لا يدل إن كان من رسول، ما لم يدل على ذلك دليل.

ثانياً: أننا لو لم نتبعه في أفعاله لكان ذلك مخالفةً له، ولا يجوز مخالفة الرسول. والجواب: أن مخالفة الرسول تكون بترك ما أراد منا فعله، أو فعل ما أراد منا تركه. ونحن لا نعلم أنه يريد منا أن نوافقه في أفعاله، إلاّ بأن يقول لنا ذلك.

الأدلّة السمعية

هل حجية السنّة كافية في إثبات حجيّة الأفعال النبوية:

قد يسبق إلى بعض الأفهام الاستدلال لحجيّة الأفعال النبوية بأن يقول: إن الأفعال النبوية من السنة، وحجيّة السنة ثابتة بدلالة الكتاب والإجماع. وذلك يدل على أن الأفعال النبويّة حجة.

وفي هذا الاستدلال نظر؛ فإن اعتبار أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - من السنن، إنما يصح

<<  <  ج: ص:  >  >>