الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. وصلوات الله وتسليمه على نبيه الأمين، الذي حمل وحيه، وأدّاه إلينا كاملاً، مبيناً، لا عوج فيه، فعلمنا به من الجهالة، وهدانا به من الضلالة، وجمعنا به بعد الفرقة، وجعل لنا في الدنيا والآخرة مكاناً لا تنكره الأمم.
وبعد، فإن نهر الشريعة الخالد ينبع أوّلاً من كتاب الله العظيم وحي الله المبارك، وكلمته إلى العالمين. ويستمد هذا النهر بعدُ من سنن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
منذ أن اختار اللُه نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - لحمل الرسالة، استشعر عظم المهمة التي ألقيت على عاتقه لهداية البشر، وتخوّف ثقل القول الذي كلّف به. لقد أهمّه أمر الجموع الزائغة من البشر، في الجزيرة وخارجها، من يهديها؟ وتلك الأجيال المتلاحقة عبر الزمان إلى أن تقوم الساعة، من يعلمها أحكام الله!
حتى وردت الطمأنينة له من السماء:{ما ودّعك ربك وما قلى * وللآخرة خير لك من الأولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى} الله معك، أما أنت فاستقم كما أمرت، ولا تحد عنه. لا تقهر اليتيم، ولا تنهر السائل، وحدّث الناس بما جاءك من الوحي، واعبد الله واتّقِه حق تقاته. فهذا الذي عليك. ولست عليهم بمسيطر.
إذن الأمر هيّن: تبليغ واستقامة، بيان بالقول، وضرب مثل بالفعل. أما الهداية والإضلال فهما بيد الله وحده.