للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ثبت أنها حُجّة، فإن لم يثبت أنها حجة فليست سنناً، بل تكون كأفعال غيره من الناس.

وفي الاستدلال المذكور نظر من جهة أخرى، فإن السنة الثابتة حجّيّتها بدلالة الكتاب هي السنن القولية، وهي التي ينطبق عليها قوله تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} (١)، وقوله: {وما ينطق عن الهوى} (٢) ونحوهما من الآيات التي يستدل بها على حجيّة السنة. تدل على صدقه - صلى الله عليه وسلم - في القول ووجوب طاعته فيه، فأما المتابعة في الفعل فلا تقتضيها المعجزة.

وأما قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (٣) ونحوها من الآيات، وقوله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} فإن الاتباعَ والتأسّي صادق على طاعة القول قطعاً. وشمول الاتباع والتأسّي للاقتداء بالفعل أمر فيه خفاء، ولذلك فهو بحاجة إلى إثبات. وهو ما يفعله الأصوليون في باب الأفعال.

...

بتدقيق النظر في ما ورد في القرآن العظيم، والسنن القولية، والإجماع، يتبيّن أنها تدل على حجيّة الفعل النبوي. ونحن نذكر ذلك بالترتيب، فنقول:

أولاً: الأدلة القرآنية

استُدِلّ من كتاب الله تعالى على كون أفعال النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حجة على عباد الله، بآيات ثلاث:

الآية الأولى: قوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}.

نزلت هذه الآية في شأن غزوة الخندق، في سياق تعداد نعم الله تعالى على


(١) سورة النساء: آية ٨٠
(٢) سورة النجم: آية ٣
(٣) سورة آل عمران: آية ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>