للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل للنوع الثاني قول خالد بن زهير:

ولا تَعْجَبَنّ من سيرةٍ أنتَ سرتَها (١) ... فأول راضٍ سُنّةً مَنْ يسيرها

بل ورد هذا الاستعمال في السنة، كما في حديث الصحيحين، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعُنّ سُنن الذين من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه" (٢).

وبهذا يتبيّن ضعف قول الخطابي: "إن "السنة" في اللغة للطريقة المحمودة خاصة" (٣).

["السنة" في الاصطلاح]

السنة في اصطلاح الأصوليين ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير القرآن من الأقوال والأفعال.

وهي في اصطلاح المحدّثين لمعنى أوسع من ذلك، إذ هي عندهم: "ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، من قول، أو فعل، أو صفة خَلْقيّة، أو خُلُقيّة، وما يتصل بالرسالة من أحواله الشريفة قبل البعثة ونحو ذلك" (٤). وإنما جعلوها كذلك لأنهم أهل العناية برواية الأخبار.

وتطلق السنة على ما يقابل البدعة. وبذلك تصدق على كل الشريعة، من قرآن، وحديث ثابت، واجتهاد صحيح. ومن هنا استعمل الاصطلاح المشهور


(١) هذه رواية ابن قتيبة في (عيون الأخبار) ٤/ ١٠٨ ولكن في (الشعر والشعراء): و (الأغاني. ط بولاق ٦/ ٦٢ - ٦٣): فلا تجزعن من سنة أنت سرتها. وللبيت قصة، فلتراجع في هذه المواضع.
(٢) متفق عليه (الفتح الكبير).
(٣) إرشاد الفحول ص ٣٣
(٤) محمد محمد أبو زهو: الحديث والمحدثون / ١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>