للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع نيَّة التَأسيّ

في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

وقد اعتبر الفقهاء هذا الحديث إحدى القواعد الأساسية للشريعة.

وتدخل النية في العبادات، وفي المباحات إذا قصد بها التقوّي على طاعة الله. والمقصود الأهمّ منها في العبادات تمييز العبادة من غير العبادة، وتمييز رتب العبادات بعضها من بعض (١).

وتتميز العبادة عن غيرها باستحضار نيات مختلفة كنية التعبّد بها لله تعالى، ونية الإخلاص له فيها، ونية امتثال أحكامه من الوجوب والندب والإباحة. وكذلك نية التأسّي فيها بعباد الله الصالحين ممن فعلها، وخاصة نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم -.

ثم إن كان دليل مشروعية العبادة فعله - صلى الله عليه وسلم - لها، فقد ذكر كثيرون من الأصوليين أن التأسّي لا يتحقق إلا بنية التأسّي، حتى لقد جعلوا ذلك من حقيقة التأسّي. يقول أبو الحسين البصري: "التأسّي في الفعل أن نفعل صورة ما فعل، على الوجه الذي فعل، لأجل أنه فعل" (٢)، وبعضهم عبّر عن ذلك بأنه شرط. يقول القاضي عبد الجبار: "شرط التأسّي اعتبار الفعل، واعتبار الوجه الذي عليه وقع، ولا بدّ مع ذلك أن يفعله من أجل أنه - صلى الله عليه وسلم - فعله" (٣).


(١) السيوطي: الأشباه والنظائر ٩ - ٢٠
(٢) المعتمد ١/ ٣٧٣
(٣) المغني ١٧/ ٢٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>