للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت سنة، ولعمري ما أتم الله حجَّ من لم يطف بين الصفا والمروة ولحديث حبيبة بنت أبي تَجْرَاةٍ مرفوعاً "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" (١).

الثاني: أنه واجب. وهو قول أبي حنيفة، والثوري، والقاضي أبي يعلى الحنبلي. نقل عن أبي حنيفة أنه يجبر بدم. ونقل النووي أنه الأصح عن أحمد.

الثالث: أنه سنة لا يجب بتركه دم. روى عن ابن عباس وابن مسعود وأبيّ ابن كعب وأنس وابن الزبير.

فأما القول بأنه ركن فلا يصح استفادته من الفعل، وقد نَقَل النووي عن ابن المنذر تعليق القول بركنيّته على ثبوت حديث حبيبة، وإلا فيكون تطوعاً. ورجّح ابن قدامة أنه واجب. وقال: لأن دليل من أوجبه دل على مطلق الوجوب، لا على كونه لا يتم الحجّ إلا به.

[٣ - ومنها: مسألة ركعتي الطواف]

في ركعتي الطواف خلاف هل هما واجب أو تطوّع. وقيل أن الطواف لا يصحّ إلا بهما فهما على هذا في معنى الرّكن (٢). ومن أسباب الخلاف فيهما الخلاف في دلالة الفعل. وقال السبكي في قواعده: "في ركعتي الطواف قولان مشهوران، أصحّهما أنها سنة، والثاني أنها واجبة، وهما راجعان إلى دلالة الفعل المجرّد. فأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم" فلا دلالة له على وجوب شيء خاص منها". اهـ (٣).

ومما استُدِلّ على وجوبه بالأفعال مما ذكره السبكي في القواعد: الموالاة في الوضوء، وفي الغسل والتيمم، والموالاة بين أشواط الطواف، والموالاة بين الطواف


(١) قال النووي في المجموع (٨/ ٧٣) حديث حبيبة ليس بقوي، في إسناده ضعف. ونقل أن ابن عبد البر قال: فيه اضطراب، وقال: قد رواه الشافعي وأحمد والدارقطني والبيهقي. ثم قال النووي (٨/ ٨٧) رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد حسن من حديث صفية بنت شيبة مرفوعاً.
(٢) انظر المجموع ٨/ ٦٠، ٦١
(٣) ق ١١٦ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>