للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون فعل ذلك من باب الضرورة لعدم إمكان سكّ نقود جديدة خالية من ذلك على عهده - صلى الله عليه وسلم - (١).

ومثاله أيضاً: تركه أن يصلي العيد بالمسجد، بل خرج إلى المصلى، يحتمل أنه فعل ذلك لضيق المسجد عن أن يتسع لجميع القادمين لصلاة العيد، ويحتمل أن ذلك هو السنة.

والجواب: أن أفعاله هذه موافقة للحكم الشرعي في حقه - صلى الله عليه وسلم -، وهو الرخصة، وليست مخالفة لها. والواجب الفحص عنها على أي وجه وقعت، وما العذر الذي لأجله حصلت. وهذا هو ما يصنعه المجتهدون حيال مثل هذه الأحاديث. فإذا علموا السبب أناطوا الحكم به. وإذا جهل السبب فيكون الظاهر أن الحكم مطلق، ويعمل بذلك الظاهر. والله أعلم.

[المطلب الرابع أنه صلى الله عليه وسلم عالم بمطابقة فعله للحكم الشرعي]

والذي قد يورد على هذا، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونه بشراً، قد ينسى كما تقدم. وربما فعل أثناء ذلك النسيان، أو ترك، ما هو معذور به، فنبني عليه أحكاماً شرعية. وذلك خطأ.

والجواب: ما تقدم في بحث العصمة من أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا فعل نسياناً ما هو مخالف للحكم الشرعي، فإنه ينبّه لذلك، لئلا يُقْتَدى به فيه.

أما على قول من منع النسيان في ما ينبني عليه حكم شرعي، فالجواب واضح.


(١) الشيخ عبد المجيد وافي جعل هذا الوضع دليلاً على إباحة استعمال الصور وأنكر على النووي قوله بالتحريم. انظر مقاله في كتاب (عمر- نظرة عصرية جديدة) ط مؤسسة الدراسات العربية، بيروت ص ١٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>