للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع إذا اختلف فعلان في البيان فأيهمَا البيان

الأصوليون لم يذكروا هذه المسألة، وذكرها ابن دقيق العيد في شرح العمدة (١) وواضح أن أول الفعلين وروداً يكون هو البيان ما لم يدل على أن البيان هو آخر الفعلين.

فإذا اعتبرنا الفعل الأول هو البيان، يبقى الزائد من الفعل الثاني فعلًا مجرداً لا يدل على وجوب، بل قد يدل عل الندب أو الإباحة كما يأتي في الأفعال المجردة. وهذا إن كان الفعل الثاني زائداً على الأول. أما إن نقص عنه فهو إما ناسخ للزائد في حق الجميع، وإما تخفيف في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة. والنسخ أولى كما تقدم. ولا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذّر الجمع.

وقد يعلم أن الفعل المنقول إلينا متأخر، ويعلم أن قبله فعلاً هو البيان، لكن لم ينقل إلينا أول الفعلين، كبعض رواية أصاغر الصحابة ومتأخري الإسلام منهم إذا رووا بعض هيئات الصلاة، أو أعمالًا في الصوم أو غيره من الأمور المستمرة. فإن الظاهر تأخر مروياتهم، وهي لا شك قد سبقت ببيان، فلا تكون مروياتهم تلك بياناً. ولا يمتنع -إذا لم يدل على التغيير- الاستدلال بالفعل المتأخر، هذا على أن الفعل المتقدم مثله، لأن الأصل عدم التغير. والله أعلم.


(١) ١/ ٢٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>