للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهما متساويان في البيان (أي في قوته ووضوحه) وتسلم بقية الأوجه (أي في ترجيح القول) وبهذا يظهر ترجيح القول تقدميه، فلا تعادل حينئذ. والله أعلم" (١) اهـ. كلامه.

وعندي أن جعل دلالة القول أرجح هو الذي ينبغي اعتماده. وبذلك لا يكون القول بالوقف صواباً.

والحاصل: أننا بعد النظر في هذه المسألة وتشعباتها عند الأصوليين، نرى أن المسألة تلتئم بأن يقال: إنه بالنظر إلى الواقع في نفس الأمر، وعند من يعلم ذلك الواقع، لا بدّ من اعتبار أول الواردين من قول أو فعل بعد المجمل، هو البيان له.

وأما بالنسبة إلى العمل وبالنظر لمن لا يعلم الواقع، فيعمل بالقول، ويقال إنه هو البيان، حقيقة إذا تقدم، ومجازاً إذا تأخر. وما زاد من الفعل فهو إما ندب أو خاص أو منسوخ.

وهذا التوفيق صادق على حالتي الاتفاق والاختلاف.

وتكون القاعدة العامة "أنه إذا ورد بعد المجمل قول وفعل كلاهما صالح للبيان، فالبيان في الحقيقة المتقدم منهما، والعمل بالقول على كل حال".

تنبيه: المثال الذي ذكر في هذه المسألة الفعل فيه أكثر من القول. فلو كان العكس، ونقص الفعل، بأن أمَرَ بطوافين، وفَعَل واحداً، فمقتضى القول الأول، وهو قول الرازي ومن معه، البيان القول، ونقْصُ الفعل تخفيف في حقه - صلى الله عليه وسلم -، تقدم القول أو تأخّر. ومقتضى قول أبي الحسين أن البيان المتقدم، فإن كان المتقدم الفعل، فما زاده القول بعده مطلوب بالقول، وإن كان المتقدم القول فالنقص تخفيف خاص في حقه - صلى الله عليه وسلم - (٢).


(١) تفصيل الإجمال ق ٥٢ ب.
(٢) المحلى: شرح جمع الجوامع ٢/ ٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>