للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: الإقرار على الفعل الحادث، والفعل المستدام]

الأفعال المحرمة، إما أن يحرم ابتداؤها ودوامها، أو يحرم ابتداؤها دون دوامها (١).

فأما ما حرم ابتداؤه ودوامه فيلزم إنكاره على كل حال. كأكل الميتة، ولبس الذهب للرجال. والإفطار في رمضان.

وأما ما حرّم ابتداؤه ولم يحرم دوامه، فمثل النكاح في حال الإحرام.

ومن هنا، فإن التقرير إذا دلّ على ارتفاع الحرج، فإن ارتفاع الحرج يكون من جهة الدوام، مطلقاً. أما رفع الحرج عن الابتداء فقد لا يدلّ التقرير عليه.

وعليه فلو أقرّ رجلاً عنده زوجة أمة وزوجة حرة، فلا يدلّ على جواز ابتداء زواج الأمة إذا كانت عنده حرة. وكذا لو أقرّ حرّاً تحته زوجة أمة وكان موسراً عند إقراره، لم يدلّ على جواز الابتداء.

وقد ورد أن بعض نساء الصحابة كن يلبسن الأقراط، وذلك يعني خرق الأذن لأجل تعليق القرط. احتجّ ابن القيم (٢) -بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ذلك فلم ينكره- على جوازه.

وليس هذا حجة، لاحتمال أن يكون التخريق قد حصل في الجاهليّة فأقرّ - صلى الله عليه وسلم - دوامه.

وروي في هذا الحديث أيضاً: "أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن عندي امرأة هي من أحبّ الناس إلي، وهي لا تمنع يد لامس، قال: طلقها إن شئت. وفي لفظ: غيِّرها. قال: إني أخاف أن تتبعها نفسي، وفي لفظ: لا أصبر عنها. قال: فاستمتع بها" (٣). فهذا الإقرار لا يدل على جواز ابتداء العقد على مثل هذه (٤).


(١) انظر قاعدة: "يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء" في (الأشياء والنظائر) للسيوطي ص ١٨٤
(٢) تحفة الودود في أحكام المولود، دمشق، دار البيان١٣٩١هـ- ص ٢٠٩
(٣) النسائي في موضعين ٦/ ٦٦، ١٧٠
(٤) إعلام الموقعين لابن القيم ٤/ ٣٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>