للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال جمهور الفقهاء: يستحب لكل من حضر صلاة الاستسقاء، من إمام ومأموم تحويل أرديتهم.

وقال الليث، وأبو يوسف، ومحمد: يستحب ذلك للإمام دون المأموم لأنه نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أصحابه (١).

فالخلاف هنا راجع إلى الاحتمال الذي ذكرنا في أول هذا المطلب.

[المثال الرابع]

عن سلمة بن الأكوع قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "من ضحّى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقي في بيته منه شيء". فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله، نفعل كما فعلنا العام الماضي؟ قال: "كلوا، وأطعموا، وادّخروا، فإن ذلك العام كان بالناس جهد، فأردت أن تعينوا فيها" (٢).

فإن آخر القصة يدل على أن النهي الأول كان صادراً عنه - صلى الله عليه وسلم - بوصفه صاحب السلطة الإدارية، وكان هذا منه إجراء موقتاً لعلاج حالة اجتماعية طارئة بما يحقّق المصلحة ويدرأ المفسدة.

ولكن باجتماع منصب السلطة مع منصب الرسالة يدل هذا الحديث أنه يجوز لصاحب السلطة الإدراية أن يتخذ مثل هذا الإجراء، بالمنع من بعض المباحات، ولا يكون ذلك مخالفاً لعقيدة الإسلام ولا شريعته.

ومثل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين: "من قتل قتيلاً فله سلبه" هو عند الحنفية من باب تصرفات الأئمة. ويمكن البناء عليه أن للإمام أن يضع مثل هذا القانون لتحصيل مصلحة معينة عسكرية أو مدنية.

[المثال الخامس]

حديث غضبه - صلى الله عليه وسلم - حين علم أنه علي بن أبي طالب يريد أن يتزوج بنت أبي جهل على فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -، ورفضه - صلى الله عليه وسلم - الموافقة على ذلك (٣).


(١) ابن قدامة: المغني ٢/ ٤٣٤
(٢) رواه البخاري ١٠/ ٢٤
(٣) راجع صحيح البخاري وشرحه فتح الباري ٩/ ٣٢٧ وصحيح مسلم ٣/ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>