للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن صرّح بهذه القاعدة بصفتها العامة، من الأصوليين القدامى القاضي عبد الجبّار (١).

وصرّح به حديثاً ولي الله الدهلوي (٢)، ومحمد أبو زهرة (٣)، وعبد الوهاب خلاف (٤)، وعبد الجليل عيسى (٥)، وفتحي عثمان (٦).

أما من حيث التفصيل، فقد وضّحه ابن خلدون في المقدمة، في شأن ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - في شأن الطبّ، حيث قال:

"الطب المنقولُ في الشرعيّات من هذا القبيل (يعني طبّ البادية المبني على تجارب قاصرة) وليس من الوحي في شيء، وإنما هو أمر كان عاديّاً للعرب، ووقع في ذكر أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، من نوع ذكر أحواله التي هي عادة وجبلة، لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل، فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث ليعلّمنا الشرائع، ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العاديّات. وقد وقع له في شأن تلقيح النخل ما وقع، فقال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم". قال: "فلا ينبغي أن يحمل شيء من الطبّ الذي وقع في الأحاديث المنقولة على أنه مشروع، فليس هناك ما يدل عليه. اللهم إلاّ إذا استعمل على جهة التبرّك وصدق العقد الإيماني فيكون له أثر عظيم النفع، وليس ذلك في الطب المزاجي" (٧). اهـ.

[رأينا في ذلك]

نختار المذهب القائل بأن أفعاله الدنيوية ليست تشريعاً، وذلك لأجل الأدلة الآتية:

١ - قوله تعالى: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ} وقوله: {قل سبحان


(١) المغني ١٧/ ٢٦٩
(٢) حجة الله البالغة١/ ٢٧٢
(٣) كتاب: تاريخ المذاهب الفقهية، ص ١٠
(٤) كتابه: أصول الفقه ص ٤٣
(٥) اجتهاد الرسول.
(٦) الفكر القانوني الإسلامي بين أصول الشريعة وتراث الفقه، القاهرة، مكتبة وهبة (د. ت) ص ٦٨
(٧) المقدمة ص ٤٩٣

<<  <  ج: ص:  >  >>