للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام الثاني هل يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً حكمه الكراهة؟

أما أنه - صلى الله عليه وسلم - يفعل المكروه سهواً أو غلطاً أو تأوُّلاً، فلا إشكال في إمكان ذلك، وخصوصاً على قول من يجيز صدور الصغائر على ذلك الوجه، لأن صغائر الذنوب من جملة المحرمات، وهي أشد من المكروهات. والمكروه لا إثم في فعله وإن كان تركه أولى.

وأما أنه يفعله عمداً. ففيه تفصيل. وذلك أن فعل المكروه على وجهين:

[الوجه الأول]

أن يفعله لا بقصد بيان الجواز. وقد منع هذا النوع كثير من الأصوليين. ومن أجاز صدور الصغائر عنه - صلى الله عليه وسلم -، يلزمه إجازة المكروهات من باب أولى.

والذين منعوه أدخلوه في ما يُعْصَم منه النبي - صلى الله عليه وسلم - بدليلين:

الأول: أن المكروه منهي عنه، وقبيح، فكيف يخالف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيرتكب ما نهاه الله عنه من القبيح؟ (١).

والثاني: أن التأسّي به مطلوب، فلا يقع منه مكروه، إذ لو وقع لكان التأسّي فيه مطلوباً، فلا يكون مكروهاً (٢).


(١) ابن السبكي: انظر النقل عنه عند البناني في حاشيته على شرح جمع الجوامع ٢/ ٩٦ ونقله الزركشي في البحر عن (بعضهم) ٢/ ٢٤٦ ب وانظر الشاطبي: الموافقات.
(٢) ابن أبي شرف: حاشيته على جمع الجوامع. نسخة خطية بمكتبة الأوقاف بالكويت ص ١٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>