للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الدوام، فقال بعضهم: يحتمل جواز الدوام لمن حدث لها ذلك بعد الزواج. والراجح أن الحديث ضعيف لا يثبت. قال النسائي: "هذا الحديث ليس بثابت". وقال في موضع آخر: "هذا خطأ، والصواب مرسل".

وإن قيل بثبوته كما ادّعاه السِّندي، فهو مؤوّل بأن اللامس طالب الصدقة، ومو ما حمله عليه الإمام أحمد، أو مردود لمعارضته ما هو أثبت منه، كحديث ابن عمر مرفوعاً: "ثلاثة لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، والمرأة المترجّلة المتشبهة بالرجال، والديّوث" (١).

[المسألة الرابعة: بين قاعدة الإقرار وقاعدة "لا ينسب للساكت قول"]

قد نصّ الشافعي على أنه: "لا ينسب للساكت قول" (٢). وهي لا تتعارض مع قاعدة الإقرار. فإن الإقرار قد قامت الأدلة على حجّيّته كما تقدم، وما نصّ عليه الشافعي قاعدة عامة يستثنى منها ما قام الدليل على أن القول ينسب للساكت، كسكوت البكر إذا استؤذنت في إنكاحها، فهو منها بمنزلة الإذن الصريح، لورود الدليل الدالّ على ذلك، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البكر تستأذن، وإذنها صُمَاتها" (٣). فكذلك الإقرار مستثنى أيضاً.

[المسألة الخامسة: سعة دلالة التقرير]

إن دلالة التقرير تنطبق على أفعال لا حصر لها. وذلك لكثرة ما كان يقع تحت ناظريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأفعال، وما يطرق سمعه من الأقوال من أصحابه، في أثناء مباشرتهم لأمور حياتهم وعبادتهم ودراستهم ونقاشهم وجهادهم وسفرهم وإقامتهم.

فلذلك شيء كثير لا حصر له. ومن هنا يتبيّن أن التقارير في الحقيقة هي


(١) أحمد ٢/ ١٣٤ واللفظ له. والنسائي ٥/ ٨٠ وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
(٢) السيوطي: الأشباه والنظائر ص ١٤٢
(٣) البخاري ١٢/ ٣٤٠ ومسلم وأصحاب السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>