للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني أن يفعل بناء على عدم التكليف وهي مسألة العفو]

اختلف علماء الأصول في هذه المسألة المهمة على مذهبين:

١ - فمنهم من رأى أن الشريعة حاكمة على جميع أفعال العباد، فلا يخلو فعل منها عن حكم شرعي "فما من عمل يُفرض، ولا حركة ولا سكون يدَّعى، إلاّ والشريعة حاكمة عليه إفراداً وتركيباً" (١). وقد أحاطت الشريعة بالأفعال إحاطة تامة، فلم يشذّ منها شيء.

وممن قال بهذا الإمام الشافعيّ، وابن السمعانيّ. قال ابن السمعاني: "لا بد أن يكون لله تعالى في كل حادثة حكم، إما بتحليل أو بتحريم" (٢) وفي موضع آخر: "إنا نعلم قطعاً أنه لا يجوز أن تخلو حادثة عن حكم لله تعالى منسوب إلى شريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. يبيّنه أنه لم يرد عن السلف الماضين أنهم أعروا واقعة عن بيان حكم فيها لله تعالى وتقدس. وقد استرسلوا في بثّ الأحكام استرسال واثق بانبساطها على جميع الوقائع. ولا يخفى على منصف أنهم ما كانوا يفتون فتوى من تنقسم الوقائع عنده إلى ما يعرى عن حكم وإلى ما لا يعرى عنه" (٣). اهـ.

٢ - ومنهم من يرى أن الشريعة جاءت بأحكام معينة في أفعال معينة، أراد الله عزّ وجل أن تكون تلك الأحكام هي الدين، وترك ما سوى تلك الأفعال


(١) الشاطبي في الموافقات ١/ ٧٨
(٢) القواطع ق ١٩٢ أ.
(٣) القواطع ق ٢٣٩ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>