للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكماً لم يسألوا عنه، وهو حكم الميتة، لما أن جهلهم جواز الطهارة بمائه يدل بالأولى على جهلهم إباحة ميتته، وهم يحتاجون إلى معرفة ذلك.

فإن كان السائل ممن له حظ من العلم، وكان له بصر بالأدلة والأحكام، فيمكن أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - سكت عما سكت عنه، لا لانتفائه، وإنما تركه ثقة بفهم السائل، فهو يجيبه عما يخفى عليه، ويترك إجابته عما يثق بفهمه له. وعلى هذا يحمل سكوته عن ذكر الكفارة في شأن امرأة الأنصاري الذي وطئ في نهار رمضان. فإن كونه من الأنصار، يقتضي حرصه على تعلّم الدين، ولا يخفى عليه أن أحكام الرجال والنساء سواء في ما يتعلق بالمفطرات.

وقد ذهب الأكثرون إلى أن الكفارة تجب في هذه المسألة على المرأة كما تجب على الرجل، فهو قول مالك وأبي حنيفة ورواية عن أحمد. والرواية الأخرى عنه أنه لا كفارة على المرأة. قال ابن قدامة: "ووجه ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المرأة بذلك مع علمه بوقوعه منها" (١).

أما في مسألة من لَبِس ما يحرم عليه في إحرامه جاهلاً، فقد ذهب عطاء والثوري وإسحاق وابن المنذر إلى أنه لا فدية عليه. وهو المشهور في مذهب أحمد.

وذهب مالك والليث والثوري وأبو حنيفة إلى أن عليه الفدية بكل حال (٢).

[المطلب الثاني السكوت لمانع]

قدمنا في المطلب السابق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يسكت عن الإجابة عن الحكم الشرعي في المسألة لعدم وجود ذلك الحكم. فأما إن كان الحكم ثابتاً فالأصل أن يجيب عن السؤال، لأن ذلك من البيان الذي أرسل به.


(١) القواطع ق ٨٦ أ، وقد فرق إلكيا الطبري أيضاً بين الحالتين اللتين نقلناهما عن السمعاني ونقله عن الطبري أبو شامة (المحقق ق ٤٣ أ) وأقره. ونقله الزركشي في البحر (٢/ ٣٥٩) وأقرّه كذلك.
(٢) المغني ٣/ ١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>