للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ماله صدقة، وأنه لا يحل لأحد نكاح زوجاته بعده، وأنهن أمهات المؤمنين، ومن فعل منهن معصية يضاعف لها العذاب ضعفين، ومن يقنت منهن لله ورسوله فلها الأجر مرتين، وتحريم رفع الصوت فوق صوته، والكذب عليه عمداً كبيرة، ويجب القتل على من سبه أو هجاه.

هل يصحّ تعدية هذه الخصائص إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم:

ينقل عن بعض الصوفية أنه ادّعى لنفسه في أتباعه أشياء من مثل هذا النوع من الخصائص.

فنُقل عن بعضهم أن الوليّ في أتباعه ومريديه كالنبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه، ولهذا يجعلون لشيوخهم من الخصائص مثل ما هو ثابت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يجوز عندهم نكاح امرأة الشيخ بعد موته، ولا يجوز رفع الصوت عنده (١).

إن ما تقدم ذكره من الإجماع على عدم جواز الاشتراك فيما ثبت من خصائصه ينفي دعوى مشاركة (الأولياء) في خصائصه - صلى الله عليه وسلم -.

ولما كانت خصائصه - صلى الله عليه وسلم - لا تدل في حقنا على المماثلة، فلذلك يكون من حرَّم على الناس لنفسه مثل ما حرّم عليهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد حرم ما ليس حراماً، وذلك لا يجوز. وكذا من أوجب عليهم لنفسه مثل ما وجب عليهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أوجب ما ليس بواجب وذلك لا يجوز.

وقد ورد عن أبي برزة الأسلمي، قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق. قال، فقال أبو برزة: ألا أضرِبُ عنقه؟ قال: فانتهزه أبو بكر، وقال: ما هي لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

فلو كان للوليّ أن يكون له مشاركة في هذا النوع من الخصائص، لكان أولى الناس بذلك، صدّيق الأمة أفضلها بعد نبيها وأكرم (أوليائها) على الله.


(١) محمد خليل هراس، نقلاً عن (العهد الوثيق) للشيخ محمود خطاب السبكي وغيره (الخصائص الكبرى) للسيوطي ٣/ ٣٠٦ حاشية (٢)
(٢) رواه أحمد. وصححه أحمد شاكر (المسند، بتحقيقه ١/ ٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>