أسباب هذا الاختلاف بين القول والفعل في حقيقة الأمر وواقعه، ترجع إلى واحد أو أكثر من الوجوه التالية:
الأول: أن يكون ذلك من اختلاف النّقَلة، فيكون بعضهم قد وهم، أو كذب، أو صحّف، أو غير ذلك من وجوه اختلاف الحديث. ولا بدّ لتمحيص ذلك من الرجوع إلى الروايات المختلفة للأحاديث، ونقدها وتمحيصها والترجيح بينها، بحسب القواعد التي تذكر في أبواب الترجيح بين الأخبار في علم أصول الفقه، حتى تعرف أصدق الروايات في ذلك. والمرجع في مثل هذا إلى أهل الحديث ونقاده. ومن أجل ذلك فلن نتعرض له في هذا البحث.
الثاني: النسخ، بأن يكون أحد الدليلين متأخراً عن الآخر، وقد قُصِد به إزالة حكم الأول.
الثالث: الحمل على اختلاف الأسباب والدواعي فيكون - صلى الله عليه وسلم - قد فعل الفعل، أو تركه، لسبب لم ينقل إلينا، فيظن التعارض.
الرابع: أن يكون الفعل خاصاً به، أو مما لا يحتج به على الأمة.
الخامس: أن يكون القول على خلاف ظاهره.
[العمل عند اختلاف مقتضى الفعل والقول]
الطريقة المتبعة هنا هي من حيث الجملة، الطريقة العامّة المتّبعة عند اختلاف الدليلين، بخطواتها الأربع المرتبة التي بيّناها في أول هذا الباب، وهي: