للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمدة الأكثرين بعده في تقرير المسألة والاستدلال لها. وقد صنف مباحث المسألة. وذكر أقوال العلماء فيها، واختار عصمة الأنبياء في زمان نبوتهم، لا قبلها، عن تعمّد الكبائر والصغائر. وأجاز صدورها عنهم سهواً. وذكر الأدلة، ثم تتبّع قصص الأنبياء، وتأوَّل ما ظاهره صدور الذنب عنهم مما ذكره الله تعالى في قصصهم.

مذاهب العلماء في العصمة إجمالاً:

١ - الشيعة الإمامية غالت في إثبات عصمة الأنبياء، حتى منعوا صدور المخالفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة وبعدها، كبيرة كانت المخالفة أو صغيرة، عمداً كانت أو سهواً (١). ونقل البعض أن ابن أبي الحديد، من الشيعة الإمامية، شارح (نهج البلاغة)، مال إلى الاعتدال، فأجاز صدور الذنب سهواً أو نسياناً ولا يقرّ عليه (٢). ويظهر أن الشيعة الزيدية لم يوافقوا الإمامية على ما ذهبوا إليه (٣).

٢ - وأكثر المعتزلة يوافق الشيعة في مذهبهم، إلّا في الصغائر غير المُسَخِّفَة قبل البعثة وبعدها، والكذب صغيره وكبيره، والسهو في ما يؤدونه. ولخّص أبو الحسين البصري ما يمتنع عليهم بقوله: "لا يجوز عليهم ما يؤثر في الأداء، ولا ما يؤثر في التعليم، ولا في القبول" (٤). وفصّل ما ذكرنا.

٣ - المتكلمون ومنهم الآمدي والرازي والباقلاني (٥) وبعض المعتزلة وغيره، قالوا إنهم لا يمتنع عليهم قبل النبوة الكبائر ولا الصغائر، قال الأمدي: بل ولا يمتنع عقلاً إرسال من أسلم وآمن بعد كفره.


(١) الآمدي ١/ ٢٤٢
(٢) وهبه الزحيلي "عصمة الأنبياء" مقالة في مجلة الوعي الإسلامي الكويتية، أي شبه؟ سنة ١٣٩٥ هـ ص ٢٥
(٣) المصدر السابق. وانظر هداية العقول.
(٤) أبو الحسين البصري: المعتمد ١/ ٣٧٠
(٥) قال ابن حزم في (الفصل ٤/ ٢) "وأما هذا الباقلاني، فإنا قد رأينا في كتاب صاحبه أبي=

<<  <  ج: ص:  >  >>