للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند من عدَّهما من الخصائص، والمقصود بتحريمهما عليه تحريم تعاطي أسبابها الموصلة إليهما، فإن الكتابة والشعر لا يُكْرهان في حق الأمة إذا استعملا في مباح.

فإن لم تثْبت قاعدة أبي شامة، بما استدَلَّ به لها، فإن الاستقراء يُغلِّب على الظن صحتها. والله أعلم.

هذا وإن أغلب ما اختصَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - في باب الوجوب والتحريم، يعلم حكمه في حقنا بأدلة غير الأفعال. ومن أجل ذلك كانت فائدة هذه القاعدة ضئيلة في استفادة الأحكام الشرعية من الأفعال الخاصة، إذ إنها تحصيل حاصل.

ويجوز استعمالها للتوكيد والاستئناس.

ونحن نرى لها فائدة أخرى. وذلك أن كثيراً من العلماء في شروحهم للأحاديث، والجمع بين الأحاديث القولية والفعلية، كثيراً ما يحملون الحديث الفعلي على أنه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -. فإن كانت الخصوصية بالإيجاب أمكن معرفة صحة ذلك من عدمها، باستخدام هذه القاعدة: فإن وجد أن الحكم في حقنا ليس الاستحباب، بل الإباحة أو الكراهة أو التحريم، يتبيّن أن الحمل على الخصوصية فاسد.

ونظير ذلك يقال في الخصوصية بالتحريم.

وكمثال تطبيقي لذلك نذكر مسألة عدّ تحريم الكتابة والشعر من الخصائص النبوية. فالمشهور أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقدر عليهما، ولو أراد تعلمهما لما أمكنه ذلك. فخرجا على هذا القول في حقه - صلى الله عليه وسلم - عن نطاق التكليف، وهو الراجح.

أما على القول المرجوح، وهو أنه كان قادراً عليهما، فقد ادّعى قوم تحريمهما عليه، وإن ذلك من خصائصه. وذلك مردود، بناء على هذه القاعدة إذ لو كانا في حقه حراماً لكانا في حقنا مكروهين، وذلك ممنوع. فتنتفي الخصوصية. والله أعلم.

[ما يختص به صلى الله عليه وسلم في أفعال غيره]

وذلك ما شرعه الله تعالى من الأحكام من فعل غيره بسببه - صلى الله عليه وسلم -، تعظيماً لمقامه ورفعاً لشأنه. ومنه أنه لا يرثه أحد من أقاربه ولا زوجاته، ومنه أن ما تركه

<<  <  ج: ص:  >  >>