للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطريقة الثالثة للتعليم]

الممارسة للفعل تحت نظر المعلّم ليصحح للمتعلّم إن كان في فعله خطأ، ويقرّه عليه إن كان صواباً. ويقابلها في السنة النبوية (الإنكار والتقرير).

"والممارسة والعمل منهل من مناهل التعلم. وقد نادى ولا يزال ينادي بهما مربو العصر الحاضر. والقول المأثور (التعلم بالعمل) يهيمن على فلسفة جميع المدارس الأمريكية، ويسيطر على تفكير جميع مدرسيها، حتى إن المتأخرين من المربّين والمشتغلين بالتعليم أخذوا يضعون الأهميّة العظمى على الناحية العملية. وما (المدارس التجريبيّة) إلا مؤسسات أعِدّت لتطبيق هذه الفكرة، إذ نجد الطلاب في مثل هذه المدارس في غرف مملوءة بالآلات البخارية أو الكهربائية، كأننا في معمل من المعامل، لا في مدرسة جاء إليها الطلاب ليتلقّوا فيها العلوم. ومن أجل هذا فالطلاب في مثل هذه المدارس، يتلذّذون بكل ما يعهد إليهم عمله، ويتعلمون أكثر مما يتعلمه الطلاب في المدارس التقليدية" (١).

المدرسة النبوية قد طبّقت هذه الطريقة بمستوى رفيع: لقد حثّ القرآن طوائف الأمّة على النفير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والنفير معه، ليتعلّموا أثناء النفير، ويعملوا بأحكام دينهم تحت سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وبصره. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصحح لهم وينقد لهم أفعالهم إن كان فيها خطأ، ويقرّ ما هو صالح وصحيح من أفعالهم، ويثني على ما هو حسن، حتى يستقرّ في نفوسهم الميل إليه واستحسانه.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حيثما أقام أو سافر أو غزا، يلاحظ أفعال صحابته ولا يترك الخطأ (يمر)، بل ينبّه عليه، كما حدث في حديث المسيء في صلاته، وحديث أنهم كانوا يحلفون بآبائهم فنهاهم، وغير ذلك مما هو معروف في دواوين السنة. وكان يكل إلى أصحابه المهامّ الجسيمة في السرايا والبعوث والولايات والوفود في غيبته، بل يكل إليهم أحياناً الحكم والخطابة والمفاوضة في حضرته. فيتعلّمون بالعمل. وهو - صلى الله عليه وسلم - يقرّ لهم الصواب فيعلمون أنه صواب، وينكر عليهم الخطأ فيجتنبونه.


(١) محمد حسين آل ياسين: مبادئ في طرق التدريس ص ٢٨٢، ٢٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>