للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يكن للكلام ظاهر، بأن كان محتملًا لأمور احتمالات متساوية فهو مجمل. والبيان له لا بد منه أيضاً كقوله تعالى: {وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} (١) لم يعرف ذلك الحق ما هو، فلا بدّ من بيانه.

ويقول الغزالي: "يحتاج إلى البيان كل ما يتطرق إليه احتمال، كالمجمل، والمجاز، والمنقول بتصرف الشرع، والعام المحتمل للخصوص، والظاهر المحتمل للتأويل، ونسخ الحكم بعد استقراره، ومعنى قول (افعل) أنه للندب أو الوجوب، أو أنه على الفور أو على التراخي، أو أنه للتكرار أو المرة الواحدة، والجمل المعطوفة إذا عقبت باستثناء، وما يجري مجراه مما يتعارض فيه الاحتمال، والفعل من جملة ذلك" (٢) اهـ.

وواضح أن الكلام قد يكون بيّناً من وجه أو وجوه، ولكنه محتاج إلى البيان من وجه أو وجوه أخرى. كما في آية {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ... } إلى قوله تعالى: { ... فمن شهد منكم الشهر فليصمه} فهي بيّنة من حيث إيجاب أصل الصوم، ومن حيث إن وقته شهر رمضان. لكن تبقي الحاجة إلى بيان الصوم أفي الليل هو أم في النهار، ومتى يبدأ ومتى ينتهي. وأيضاً إذا خفي دخول الشهر أو خروجه بغيم أو نحوه وكل ذلك قد بيّن في آيات أخرى أو في السنة المطهرة.

[الإجمال في الفعل، ووجوهه]

الفعل وإن صحّ البيان به على الراجح، قد يكون هو في ذاته مجملاً يحتاج إلى بيان.

وقد ذكر الأصوليون من أنواع المجمل الفعل، فقد يكون الفعل دائراً بين احتمالين فأكثر.

ويمثلون لذلك بقيام النبي - صلى الله عليه وسلم - من الركعة الثانية دون جلوس: يحتمل أنه


(١) سورة الذاريات: آية ١٩
(٢) المستصفى ٢/ ٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>