للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (١)، وفي رواية: "ليلني منكم الذين يأخذون عني" (٢).

ورأى في أصحابه (٣) تأخُّراً، فقال: "تقدّموا فأتموا بي وليأتمَّ بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخّرون حتى يؤخّرهم الله" (٤).

ومن ذلك أيضاً ما قال السبكي في ترشيح التوشيح عن والده: "إن السر في نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من أربع نسوة، أن الله أراد نقل بواطن الشريعة وظواهرها، وما يُستحيا من ذكره وما لا يُستحيا. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد الناس حياء. فجعل الله له نسوة ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله، ويسمعنه من أقواله التي قد يستحيا من ذكرها بحضرة الرجال، فيتكمّل نقل الشريعة. وكثر عدد النساء كتكثير الناقلين لهذا النوع. ومنهن عرف غالب مسائل الغسل والحيض والعدّة وغيرها. وأيضاً فقد نقلن ما لم ينقله غيرهن مما رأينه في منامه وحالة خلوته، من الآيات البيّنات على نبوته" (٥) اهـ.

[ملاحظة الصحابة للأفعال النبوية من أجل الاقتداء]

كان ما تقدم ذكره داعياً الصحابة رضي الله عنهم إلى ملاحظة الأفعال النبوية الشرعية وتعرف كيفياتها، لأجل الاقتداء بها.

وتفصيل ذلك أن تأثُّر شخص ما بشخص آخر حتى يقلده في فعله وأحواله على درجات:

الدرجة الأولى: إن أي شخصين تخالطا، ورأى أحدهما ما يفعل الآخر، فلا بد أن يتأثر به ولو قليلاً، ما لم يمنع ذلك مانع.


(١) رواه مسلم والأربعة (الفتح الكبير ٣/ ٧٢).
(٢) أخرجها الحاكم (الفتح الكبير ٣/ ٧٢).
(٣) المقصود كبار أصحابه المتقدمون على غيرهم في الصحبة.
(٤) رواه مسلم وأحمد وأبو داود (الفتح الكبير ٢/ ٣٦).
(٥) نقله عبد الحي الكتاني في الترتيبات الإدارية (٢/ ٢٣٦) ومنه نقلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>