للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرى إلا أن حقاً عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه؛ أكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن شماله" (١).

[ما يمكن حصوله بالأفعال من أنواع البيان]

قال السمعاني: "يحصل بالفعل جميع أنواع البيان" (٢).

أولاً: البيان الابتدائي: سيأتي ذكر إمكانية كون الفعل النبوي بياناً ابتدائياً، والخلاف حول ذلك، في فصل الفعل المجرّد، من هذا الباب.

ثانياً: بيان التقرير: وهذا واضح من دلالة الأفعال. فإن السنن العملية كثيراً ما تكون مقررة لحقائق ألفاظ الكتاب والسنة القولية، وظواهرها. فما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفيذاً لما في الكتاب، عُلِم به يقيناً أن المراد به حقيقة اللّفظ دون مجازه. ويمكن بهذه الطريق الرد على المؤوّلة من الفلاسفة والباطنية ودعاة الفاطميين وغيرهم من الملحدين والمبتدعين، فيما أوّلوه من الأحكام الشرعية. فلو تعسّفوا في تأويل الأقوال لم يمكنهم ذلك في الأفعال. ومن أجل ذلك يحصل التحقق دون ريب من كذبهم في دعاوى كثيرة (٣).

هذا وإن فائدة الأفعال في هذا النوع من البيان واضحة أيضاً في قطع استبعاد الحقائق التي تتضمنها الأقوال. ومن ذلك ما قصّ الله علينا في كتابه: {أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مِئَة عام ثم بعثه ... } إلى أن قال: { ... فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير} (٤) وفي الآية التالية لها: {وإذا قال إبراهيم ربِّ أرني كيف تحيي


(١) رواه مسلم ٥/ ٢٢٠ وروى مسلم عن أنس بمعناه.
(٢) الزركشي: البحر المحيط ٢/ ٢٥٣ أ.
(٣) مثل ما ذكر في (قواعد عقائد آل محمد، لمحمد بن الحسن الديلمي، استانبول، مطبعة الدولة، ١٩٣٨ ص ٤٧) من قوله: قال صاحب (تأويل الشريعة): (الصلوات الخمس طاعات الأول والثاني والناطق والأساس والإمام" وقال صاحب (تأويل الشريعة) "الصوم هو الستر على إمامك وحجتك" وقال "الشجرة الملعونة في القرآن بنو أمية" وقال في (إذ يبايعونك تحت الشجرة): شجرة الإمام.
(٤) سورة البقرة: ٢٥٩، ٢٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>