للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثير من ذلك سيبقى مبهماً دون حلّ، نظراً لتعذّر الحصول على نصوص لهم أو نسبة أقوال منضبطة محررة.

أما متأخرو الأصوليين، فكثير من أقوالهم منضبطة محررة نسبياً.

وأنا أنسب الأقوال إلى أصحابها مرتّبة بحسب المذاهب، وقد كان بالإمكان ترتيبها بحسب الأقوال أنفسها كما هو المعتاد في مثل هذا، إلّا أن غرضي أن أدلّ على كثرة الاضطراب في هذه المسألة المهمة، حتى عند أصحاب المذهب الواحد.

[١ - الإمام أبو حنيفة وأتباعه]

لم نجد نقلاً عن أبي حنيفة رضي الله عنه في كتب أتباعه، وقال الغزالي في المنخول: "عُزِي إليه أنه يُتَلَقّى من الفعل الوجوب مطلقاً" (١).

والجصّاص، من الحنفية، يرى أن الأصل في أفعاله - صلى الله عليه وسلم - الاشتراك في معلوم الصفة، فيجب علينا المتابعة فيها حتى يقوم دليل الخصوص، وفي مجهول الصفة تثبت الإباحة حتى يقوم دليل الحكم في حقه (٢).

وأبو الحسن الكرخي الحنفيّ اختلف النقل عنه، فبعض الحنفية نقل عنه أنه يثبت الإباحة في حقه - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا يقدم على معصية، ويحمل الأفعال المجرّدة كلها على الخصوصية فيمنع الاقتداء بها ما لم يقم دليل الاشتراك.

ونقل عنه آخرون أنه يثبت المتابعة في معلوم الصفة، ويمنعها في مجهول الصفة (٣). وقد أشار الجصّاص إلى اختلاف النقل عن الكرخي، ثم قال: "والذي يغلب على ظني من مذهبه أن علينا اتّباعه فيه على الوجه الذي أوقعه عليه (٤).

ونقل عنه ابن الباقلاني أنها تدلّ على الوجوب (٥).


(١) ص ٢٢٥
(٢) البخاري: شرح البزدوي ٣/ ٩٢١ وأصول الجصاص ق ٢٠٥ ب.
(٣) أصول البزدوي وشرحه ٣/ ٩٢١، ٩٢٢
(٤) أصول الجصاص ق ٢٠٥ ب.
(٥) المحقق لأبي شامة ق ٦ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>