للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث تعارض الفعل والأدلة الأخرى]

أولاً - القرآن:

إذا اختلف القول من القرآن العظيم مع الفعل من النبي - صلى الله عليه وسلم - جاز الجمع بينهما، بوجه صحيح، كأن يحمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على الخصوصية به إذا دلّ عليها دليل، أو على أنه مخصص لدلالة القرآن في حقه - صلى الله عليه وسلم - وحق الأمة.

ومثاله: أمره تعالى في القرآن بغسل الوجه، فمع كثرة ما نقلوا في صفة وضوئه - صلى الله عليه وسلم -، وما فضلوه من ذلك، لم ينقل أحد منهم أنه كان يغسل داخل عينيه، فكان هذا دلالة على أنه مستثنى من عموم غسل الوجه (١).

ومثال الحمل على الخصوصية أن الله تعالى قال: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} (٢) وقد جمع - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ذلك العدد، ودليل الخصوصية أنه منع من ذلك غيره، بل أمر غيلان بفراق ما زاد على أربعة، مع إقامته هو على الزيادة.

ومثال التخصيص في حق الأمة أيضاً أنه تعالى قال: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة} (٣) ورجم النبي - صلى الله عليه وسلم - ماعزاً ولم يجلده. فدلّ على خروج الثيب من ذلك الحكم (٤).

فإن لم يظهر للتخصيص وجه، لم يجز نسخ القرآن بالفعل النبوي، عند من


(١) انظر لهذه المسألة الفرعية: المجموع للنووي ط المنيرية ١/ ٣٦٨
(٢) سورة النساء: آية ٣
(٣) سورة النور: آية ٢
(٤) أبو الحسين البصري: المعتمد ١/ ٢٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>