للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنسبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة كان بيان المجمل الذي لا يعلم إلاّ من جهة المجمِل، متعيَّناً عليه، ككيفية الصلاة، وأعداد ركعاتها وشروطها، لأنه ليس هناك أمارة يمكن أن يعلم بها الحكم غيره من العلماء، - صلى الله عليه وسلم -.

ومثله بيان التغيير، إنْ لم يكن على التغيير دلالة موجودة يمكن أن يُعلم من قبلها.

ويتعيّن عليه أيضاً البيان الابتدائيُّ للأحكام الشرعية الموحى بها إليه مما لم يرد في القرآن.

ويتعيّن عليه أيضاً سائر أنواع البيان حيث وجبت، إن كان لا يوجد غيره، ممن يمكن أن يدل على المطلوب.

فإن وجد غيره كفى. كما فعل أبو بكر، إذ بينّ حكم السّلَب أنه يجب إعادته إلى القاتل. فأقر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال (١).

هل يجب البيان لجميع الأحكام (٢):

قد بيّنّا أن البيان يجب في حالين: أن يسأل العالم عن المسألة وهي منصوصة، وأن تقع الحادثة ويجهل حكمها.

فأما في الأولى: وهي حالة السؤال عن المنصوص: فالبيان واجب لجميع الأحكام الخمسة واجبها ومندوبها ومباحها ومكروهها وحرامها.

وأما في الثانية: وهي حالة الوقوع والمكلّف جاهل: فإنه إذا جاء وقت المأمور به الواجب، فتركه المكلف، وجب بيانه له. أو أراد المكلف فعل محرم، وجب بيان حرمته له. أما بيان المستحب فيستحب، وكذلك بيان المكروه، وذلك حرصاً من المبيِّن على حصول الأجر للفاعل بفعل المستحب وترك المكروه، فيصل


(١) انظر القصة في صحيح البخاري ٨/ ٣٥ وصحيح مسلم ١٢/ ٦٠
(٢) هذه المسألة تعرض لها الآمدي ٣/ ٤٠، ونحن أوفيناها بحثاً، وعرضناها عرضاً أشمل.
وبالله التوفيق. وانظر أيضاً، المحقق من علم الأصول (ق ١١ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>