للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتأيّد ما ذكره ابن حجر في حقوق الله بحديث أبي قتادة (١) عندما صاد حمار وحش، ولم يكن أحرم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لرفقته: "منكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟ " قالوا: لا، قال: "فكلوا". والصيد محرّم على المحرم لحق الله.

[المطلب الثالث حكم البيان بالإشارة]

إن الإشارة لما كان فيها من خفاء الدلالة على المراد ما فيها، منع من اعتبارها في حقوق الآدميين، إلا حيث لا وسيلة للتعبير سواها، كما في حال الأخرس والمعتقل كما تقدم، أما القادر على النطق فلا تعتبر منه، على التفصيل المتقدم. وهذا إن كانت إشارة مجردة. لكنهم اتفقوا على أن البيان الإفتائي بها صحيح.

أما إن انضمّ إليها نطق، فبيّنت الإشارة المراد به، فلا خلاف في أنها يصح البيان بها حتى من القادر على النطق. فلو قال الرجل لزوجته (أنت طالق، هكذا). وأشار بأصابعه الثلاث، طلقت ثلاثاً عند كل من يقول بوقوع الثلاث مجتمعة. ووجهه أن (هكذا) لفظ لا بدّ من حمله على مدلوله. وقد بيّن المراد به بالإشارة فتعيّن.

[ما وقع في السنة من البيان بالإشارة]

[الذي وقع في السنة من البيان بالإشارة ثلاثة أنواع]

النوع الأول: إشارة مجتمعة مع لفظ هو اسم من أسماء الإشارة، تبيّن الإشارة المراد به. وهذا النوع في السنة كثير. ومثاله ما تقدّم في حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشهر هكذا وهكذا وهكذا" يعني ثلاثين. ثم قال: "وهكذا وهكذا وهكذا" يعني تسعة وعشرين. وقد عقد البخاري باباً (٢) بعنوان (الإشارة في الطلاق والأمور) أورد فيه وفي ما بعده من هذا النوع حديث ابن عمر المتقدم وأحاديث أخر، منها:


(١) جامع الأصول ٣/ ٤١٨
(٢) ٩/ ٤٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>