للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإقرار على ما كان في الجاهلية واستمر في أول الإسلام]

إنه من المعلوم أن كثيراً من العادات الجاهلية لم تنكر من أول الإسلام، بل بدأ إلغاؤها بالتدريج، الأهمّ فالأهمّ، حتى أكمل الله دينه، وتمّ تحريم ما أراد الله تحريمه منها. ومن ذلك الخمر، والزيادة على أربع زوجات (١).

وقد قال ابن أبي هريرة: "يشترط كون التقرير بعد ثبوت الشرع، وأما ما كان يقر عليه قبل استقرار الشرع حين كان داعياً إلى الإسلام فلا" (٢).

ومبنى قوله هذا أن الإقرار يدل في الأمور العادية على الإباحة الشرعية. فإن قلنا بأنه يدل على الإباحة العقلية وأن المسألة خالية عن حكم شرعي بالتحريم أو الكراهة، فلا حاجة إلى هذا الشرط، وهو الصواب. والله أعلم.

[٣ - الإقرار على الترك]

يدل إقرار الترك لعبادة ما على عدم وجوبها، فإن أقرّ فرداً ما على تركها، دلّ ذلك أنها ليست واجباً عينيّاً، مع احتمال أنها فرض كفاية، كما لو أقر إنساناً على ترك صلاة العيد.

وإن أقر جماعةَ بلدٍ أو قبيلة أو غير ذلك على ترك عبادة، دل على أنها ليست فرض عين ولا فرض كفاية. وقد أقر أهل البوادي على ترك إقامة الجمعات والأعياد، فدلّ ذلك عند العلماء على أنها غير واجبة عليهم.

ومن باب الإقرار على الترك ما ذكر ابن تيمية في (القواعد النورانية) (٣) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع أمرهم بالإتمام، فقال: "يا أهل مكة أتِمُّوا صلاتكم فإنّا قومٌ سَفْر". وأما بمنى وعرفة ومزدلفة فلم ينقل أحد أنه أمرهم بذلك. قال ابن


(١) انظر: ولي الله الدهلوي: الحجة البالغة ص ٢٧٠. محمد قطب: منهج القرآن في تطوير المجتمع. محمد أبو زهرة: أصول الفقه ص ٤٨
(٢) البحر المحيط للزركشي ٢/ ٢٥٧ ب.
(٣) ص ١٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>