للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القسم الثاني]

أن يقع العمل به قليلاً. وهو نوعان:

النوع الأول: ما علم سبب قلته. فيعلم حكمه بذلك، وله أمثلة:

المثال الأول: صلاته قيام رمضان بالمسجد، فإنه فعلها، ثم تركها خشية أن تفرض فدلّ ذلك على مشروعية فعلها بالمسجد لزوال السبب، ولا بأس بالإكثار منها فيه، بل السنة المحافظة عليها في المساجد بدليل فعل الصحابة والتابعين.

المثال الثاني: صلاة الضحى، قالت عائشة: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى، وإني لأسبّحها، وإن كان ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم". فقد تبيّن سبب القلة. فلا مانع بالنسبة إلينا من الإكثار منها بل والدّوام عليها (١). وقد كانت عائشة تداوم عليها وتقول: "لو نشِر لي أبواي ما تركتها" (٢).

الئوع الثاني: أن لا يعلم للقلة سبب. فالذي يقتضيه التأسّي والاقتداء عدم الإكثار منه، بل تقليله بحسب ذلك. ولهذا النوع أمثلة.

المثال الأول: قيامه - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن حارثة (٣)، فلم يكن - صلى الله عليه وسلم - يقوم لكل قادم، بل لم ينقل عنه إلاّ هذه المرة، وأمرهم بالقيام لسعد بن معاذ (٤)، فلا يصح اتخاذ القيام -بناء على ذلك- سنة.

المثال الثاني: تقبيل بعض الناس يده - صلى الله عليه وسلم -، قد وقع ذلك مرات معدودة إن صحت الروايات بذلك (٥)، ولم يكن ذلك دأب الصحابة معه - صلى الله عليه وسلم -. فلا ينبغي أن


(١) انظر تيسير التحرير ١/ ٢٥٥. الموافقات ٣/ ٦٠
(٢) رواه مالك (جامع الأصول ٧/ ٧٧)
(٣) رواه الترمذي ٧/ ٥٢٣
(٤) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٤٠
(٥) منها أولاً: تقبيل بعض اليهود يديه ورجليه (الترمذي ٨/ ٥٨٠ وقال: حسن صحيح وأحمد ٤/ ٢٣٩ وابن ماجه٢/ ١٢٢١)
ثانياً: تقبيل ابن عمر يده - صلى الله عليه وسلم - (أحمد ٢/ ٧٠ وأبو داود ٧/ ٣٠٧ وابن ماجه ٢/ ١٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>