للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتخذ ذلك سنة. بل الأكثر من فعلهم معه - صلى الله عليه وسلم - هو السنة وهو المصافحة. فإن حصل التقبيل على سبيل الندرة والقلة تكريماً للدين وأهله جاز إن صحت الرواية، ما لم يدلّ على خصوصيته بذلك - صلى الله عليه وسلم -.

المثال الثالث: سجود الشكر، ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله على قلة. مع كثرة ما فتح الله عليه من الفتوح. كرهه مالك وأبو حنيفة، واستحبه الشافعي وأحمد (١).

المثال الرابع: العمرة. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر بعد الهجرة أربع عمر، عمرة الحديبية سنة ست، والقضية سنة سبع، والجعرانة سنة ثمان، وعمرة مع حجة الوداع سنة عشر. فلم يزد عن عمرة واحدة في السفرة، أو عمرة في سنة.

وقد اختلف الفقهاء في ذلك.

فقال مالك: يكره أن يعتمر في السنة مرتين (٢). ومثله قول النخعي.

وقال أحمد والشافعي: لا بأس بذلك. احتجاجاً بقصة عائشة فقد اعتمرت في شهر مرتين.

وأما الموالاة بين العمر والإكثار منها فقد قال ابن قدامة: "أقوال السلف وأحوالهم تدل على أنه لا يستحب ذلك. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم ينقل عنهم الموالاة بينها ... ولو كان في هذا فضل ما اتفقوا على تركه" (٣).

المثال الخامس: صلاة التطوّع جماعة. فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في قيام رمضان كما تقدم، فكان سنّة، وأما ما سوى ذلك فقد صلّى نفلاً جماعة بأنس وأمه، وصلّى بابن أم مكتوم. وصلّى بابن عباس. غير أنه يعلم أن الأكثر من فعله أن يصليها منفرداً. فكانت تلك هي السنة. وقال الشاطبي: "هو الذي أخذ به مالك أنه يجيز الجماعة في النافلة في الرجلين والثلاثة، ولا يكون ذلك مظنة اشتهار، وما عدا هذا فإنه يكرهه" (٤).


(١) انظر المغني لابن قدامة ١/ ٦٢٨
(٢) المدونة ١/ ٣٧٤
(٣) المغني لابن قدامة ٣/ ٢٢٦
(٤) الموافقات ٣/ ٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>